أمراض الجفن
  قال حنين : أمراض الجفن الخاصة به الجرب والبرد والتحجر والالتصاق والشترة (1) والشعيرة وانتشار الأجفان والقمل والوردينج والسلاق والحكة والثآليل والشرناق والتوتة (2).
  فالجرب أربعة أنواع : أحدها إنما هو حمرة وخشونة قليلة في باطن الجفن ، والثاني معه خشونة أكثر ومعه وجع وثقل ، والثالث يرى فيه إذا قلب الجفن مثل شقوق التين ، والرابع هو مع ذلك صلب شديد.
  وأما البرد فنوع واحد وهو رطوبة غليظة في ظاهر الجفن وفي باطن الجفن شبيه بالبرد.
  والتحجر نوع واحد وهي فضلة أغلظ من فضلة البرد يتحجر في العين.
  / وأما الالتصاق فنوعان : أحدهما التحام الجفن بسواد العين أو ببياضها ، والأخر التحام الجفنين بعضها ببعض ، ويحدث من قرحة ومن قطع ظفرة ، وأما الشترة فثلاث ضروب : الأول إما أن يرتفع الجفن الأعلى حتى لا يغطي بياض العين ، وقد يعرض ذلك من الطبع وخياطة الجفن على غير ما ينبغي أو تقصر الأجفان جميعاً أو تنقلب الى خارج.
  لي : وإذا انقلب الجفن الأسفل إلى أسفل حتى لا يغطي البياض.
  الشعيرة نوع واحد وهو ورم مستطيل شبيه الشعيرة ، ويحدث في طرف الجفن ، وأما الشعير الزائد فنوع واحد وهو شعر ينبت في الجفن منقلباً بنخس العين إلى داخل ينخس العين.
  وأما انتثار الأشفار فضربان : إما من رطوبة حادة تصير إليها كالحال في داء الثعلب ، وإما لعدم غذائها كالحال في الصلع ، وهذان لا حمرة ولا صلابة معهما في الأجفان ، ومنه نوع آخر يعرض / معه غلظ الأجفان وحمرة وصلابة فيها.
  وأما القمل فنوع واحد وهو تولد قمل صغار في الأشفار ، ويعرض لمن يكثر الأطعمة ويقلل التعب والحمام.
  الوردينج فضربان : أحدهما مادة تسيل إلى الجفن بمنزلة المادة الحريفة فيحمر

**************************************************************
(1) الشترة ـ بالتحريك هي تقلص الجفن الأسفل وانقلابه حتى لا ينطبق كما يجب.
(2) التوتة بالتاءين قال في بحر الجواهر : هي بشرة متقرحة تأخذ في عمق الخد والوجنة قال العلامة هي غدد كثيرة وقيل غدة كبيرة مفروشة في أجزاء العليا من العنق.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 29 ـ

  لونه مع غلظ شديد وثقل ورطوبة كثيرة ، والآخر يحدث من دم مري ولونه يضرب إلى الحمرة ، والورم والحمرة فيه أقل ، والغرزان والحرقة فيه أكثر.
  وأما السلاق فضرب واحد وهو يحدث من رطوبة بورقية لطيفة تكون معها حكة في الآماق.
  وأما الحكة فنوع واحد ويعرض إما في المأقين وإما في باطن الجفن.
  وأما الثآليل فورم جاسء صلب يحدث في باطن الجفن الأسفل أو الأعلى أو في ظاهرهما أو فيهما جميعاً.
  وأما الشرناق فسلعة في الجفن الأعلى يمنع العليل أن يرفع بصره إلى فوق ، وهو جسم شحمي لزج منتسج بعصب.
  وأما التوتة (1) فورم شكله كالتوتة جاس وأكثر / ما يعرض في الجفن الأعلى فلذلك يعرف به.

أمراض الآماق ثلاثة : الغدة والسيلان والغرب

  فالغدة (2) زيادة اللحمة التي في الماق الأكبر فوق قدرها الطبيعي.
  وأما السيلان فهو الدمعة الزائدة تعرض لنقصان هذه اللحمة ، وإذا نقصت هذه اللحمة انفتح رأس الثقب الذي بين العين والمنخرين حتى لا يمنع الرطوبات أن تسيل إلى العين ، ويحدث ذلك من إفراط المتطببين في قطع الغدة أو إفراط الأدوية الحادة في قطع الظفرة والجرب.
  وأما الغرب فإنه خراج يخرج فيما بين المأق / والأنف وربما صار ناصوراً فذلك ثلاثة أمراض.

أمراض الملتحمة

  الرمد : الطرفة والظفرة والانتفاخ والجساء والحكة والسبل والودقة (3) والدمعة والدبيلة.
  فأما الرمد فأربعة أنواع : إما من دم حار جيد ويكون بالكمية ، وإما من دم

**************************************************************
(1) التوت تود في الصحاح ولا يقال توث ـ بالمثلثة ، وفي المغرب : التوت والتوث جميعاً : الفرصاد ، عن الجاحظ : التوت لم يسمع في الشعر إلا بالثاء ، وعن بعض أهل البصرة أنهم يسمون شجرته الفرصاد وحمله التوث ـ بالثاء المثلثة ـ بحر الجوهر.
(2) الغدة ... وتطلق أيضاً على زيادة لحم المأق وهي لا يزاد من الفندق ـ بحر الجواهر.
(3) الودقة جمعها الودق بالتحريك هي ورم في الملتحمة شبيه ببشرة بيضاء كأنها شحمة وقد تكون حمراء إذا كانت المادة دموية ـ بحر الجواهر.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 30 ـ

  بلغمي ، وإما من دم صفراوي ، وإما من دم سوداوي وقد ذكرنا علاماته في باب الرمد.
  وأما الطرفة : فهو دم ينصب إلى الملتحم ثم يخرق الأوراد التي فيه ، وهو ضربان إما ينخرق الملتحم معه وإما أن لا ينخرق جوهر الملتحم لكن بعض أوردته ، وذلك يكون من ضربة ونحوه.
  وأما الظفرة : فزيادة في الملتحم يبدأ نباتها على الأكثر من المأق الأكبر ، وربما امتدت على الملتحم کله حتى تبلغ القرني وتغطي الناظر.
  وأما الانتفاخ فأربعة ضروب : أحدها يحدث من ريح ، وهذا النوع يحدث بغتة في الماق الأكبر مثل ما يعرض من عضة ذباب أو قرض بقة ، وأكثر ما يعرض للشيوخ في الصيف ، ولونه على لون الأورام الحادثة من البلغم ، والثاني أردأ لوناً ، والثقل فيه أكثر ، ولذلك البرد فيه أشد ، وإذا غمزت عليه بالإصبع بقي أثرها ساعة ، والثالث لونه على لون البدن والإصبغ يغيب فيه ، ويمتلىء أثرها سريعاً ، والرابع صلب لا وجع معه ، ولونه كمد ، وأكثر ما يعرض في الجدري.
  وأما الجسء : فصلابة في العين مع الأجفان ، ويعرض معه وجع وغيره ، ويعسر لذلك فتح العين في وقت الانتباه من النوم ، وتجف جفوفاً شديداً أو لا تنقلب الأجفان لصلابتها ، وأكثر ذلك يجمع في العين رمص صلب يابس.
  وأما الحكة : فيقال لها باليونانية أخروس ، وهي حكة تعرض في / الملتحم من فضلة بورقية مالحة ، وقد تعرض هذه العلة في الأجفان وقد ذكرناها أيضاً هناك.
  وأما السبل فنوعان : أحدهما يحدث من الأوردة التي تحت القحف ، والآخر من خارجه ، وقد ذکر نا الفرق بينه ما في بابه.
  وأما الودقة : فورم جاس في الملتحم ومواضعه مختلفة وكذلك ألوانه ويكون مرة في ناحية المأق الأكبر ، ومرة في الأصغر ، ومرة عند الإكليل ، ومرة تحت الجفن الأسفل ، ويكون أيضاً أبيض مرة وأحمر أخرى.
  فأما الدمعة : فهو سيلان الرطوبة من الرأس إلى العينين ، وربما كان من العروق التي تحت القحف ، ور بما کان مما فوقها وقد ذکرنا علامته في بابه.
  وأما الدبيلة : فلم نقسمه لأنه نوع واحد ، وهي قرحة رديئة غائرة في الملتحم.

أمراض القرنية :

  البثور والقروح والأثر والسلخ والدبيلة والسرطان والحفر وتغير اللون.
  / أما القروح فضربان : أربعة في سطح القرنية ، وثلاثة غائرة.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 31 ـ

  فالنوع الأول : مما يعرض في سطح القرنية ، لونها شبه بالدخان ، وموضعها واسع ، والثاني : أصغر موضعاً وأبيض لوناً وأعمق ، والثالث : ذو لونين لأنها تأخذ من الملتحم طرفاً وهي على إكليل السواد أحمر وأبيض ، والرابع قرحة في ظاهر القرنية شبه الثقب ، فأما الغائرة فأولها قرحة نقية صافية عميقة تسمى باليونانية لوبويون (1) ، والثانى أكثر اتساعاً من الأول وأقل عمقاً ويسمى باليونانية كيلوما ، والثالثة قرحة وسخة كثيرة الخشكريشة وتسمى باليونانية امقرما وإذا أزمنت سالت منها رطوبات العين كلها وهي الدبيلة ، / وأما البشرة : فتحدث إذا اجتمعت رطوبة بين القشور التي منها تركبت ـ ـ القرنية ، وألوانها مختلفة إما بيض وإما سود وإما أن يكون تحت القشرة الأولى وإما تحت الثانية وإما تحت الثالثة ، فهي لذلك ثلاثة أنواع.
  والأثر : فنوعان إما رقيق في ظاهر القرنية وإما غليظ غائر.
  وأما السلخ : فنوع واحد يحدث مما يماس هذا الحجاب من حديد أو قصب أو غيره أو أدوية حادة.
  لي : وقد يكون الشلخ من الجرب الرديء فهو لذلك ثلاثة أنواع : إما بالحديد وإما بالأدوية وإما بالجرب.
  وأما السرطان : فواحد وهو ورم يحدث من المرة السوداء ولا برء له.
  وأما الحفر : فيعرض من نخسة تصيب العين فربما انتهت إلى القشرة : الأولى أو إلى الثانية أو إلى الثالثة.
  لي : وقد يکون من بعد خروج المدة فهو لذلك ستة ضروب ثلاثة مما زدناه ، لأن هذا أيضاً يكون فى القشرة الثالثة.

أمراض العنبية : الضيق والاتساع والنتوء والانخراق

  فأما الاتساع فضربان : أحدهما أن ينقبض جرم العنبي فتعظم ثقبه فيمتد ، والآخر يسترخي جرم العنبي فيتسع الثقب.
  وأما ضيق الحدقة : فيكون إما من ورم وإما من كيموس أرضي ينصب إليها وإما من حرارة مفرطة تقبضها.

**************************************************************
(1) قروح العين .... سبعة أنواع ، أربعة في سطح القرنية .... وثلاثة غائرة إحداها يسمى لوبويون أي العميق الغور وهي قرحة عميقة ضيقة نقية ، والثانية تسمى لوبوما أي الحافر وهو أقل عمقاً وأوسع أخذاً ، والثالثة وقوما أي الاحتراق أيضاً وهي وسخة ذات خشكريشة في تنقيتها مخاطرة .. ـ القانون 2 / 12 ، وقال في بحر الجواهر : لوقوقون هو قرحة عتيقة في العين ضيقة ثقبها.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 32 ـ

  وأما النتوء فأربعة أنواع : إما أن تنخرق قشور القرنية فيطلع من العنبي شيء يسير ويسمى رأس النملة ، وإما أن يطلع أكثر من ذلك فيسمى رأس الذباب وإما أن يطلع أكثر من ذلك فيسمى رأس المسمار ويعرض إذا أزمن البثور ، وقد ينتاً القرنية إلا أن نتوءها ليس بضار.
  لي : قال : والبثور يجب أن يكون خمسة أضرب ، أربعة / نتوء ، لأن نوعاً ، آخر يسمى العنبة إن لم يطلع كان منها المسمار ، ونوع من نتوء القرني لا نقسمه لأنه ليس بمرض ضار.

أمراض ثقب العنبية فالماء

  وهو ستة ضروب : أحمر ولون السماء وأخضر وأزرق أو مثل المها أو مثل الزجاج.

أمراض الجليدية

  فزوالها يمنة ويسرة ، ويعرض من ذلك الحول ، أو زوالها إلى أسفل أو إلى فوق ، ويعرض منه ان يري الشيء شيئين ، وتغيرها الى الحمرة ، ويعرض من الحمرة أن يرى الأشياء حمراء ، أو تغيرها إلى الصفرة ، ويعرض منه أن يرى الأشياء صفراء ، وتغير لونها لي السواد ، ويعرض منه أن يري الأشياء سوداء ، وزيادة بياضها ، وي عرض ـ منه أن بيري الأشياء بيضياء ، أو جحوظها ، ويعرض منه أن يري الشيء / أعظم مما هو ، وكذلك إذا عظمت يعرض منها ما يعرض من الجحوظ أو غورانها ويعرض منها أن يبصر الشيء مما هو أو أصغرها ، والصغر يعرض منه ما يعرض من غؤورها.

أمراض البيضية

  وأما الرطوبة البيضية : "إن تغير لونها أضر بالبصر ولم يبطله البتة ويعرض لها جفافها ، وجفافها ان کان في مواضع کثيرة رأي الناظر آن کل ما يراه فيه کوي وثاقب ، وإن جفت في موضع واحد رأى كل ما يراه كأن فيه كوة ، وإن جفت كلها ضمرت العين وصغرت ولم يبصر الإنسان شيئاً أصلاً ، وإن رطبت عظمت العين وترطبت العين جداً ، ولذلك إن صغرت صغرت العين وضمرات.

أمراض الزجاجية

  إما بسيط وإما مركب ، فهذا ما كان في التقاسيم من المقالة الخامسة من كتاب حنين.

أمراض العصبة المجوفة

  المجوفة فإما من سوء مزاج وهي ثمانية أنواع ، وإما ألى مثل السدة والضغط

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 33 ـ

أمراض ثقب العنبي

  أما أمراض ثقب العنبي فأربعة : اتساعه وضيقه وزواله وانخراقه.
  فاتساعه يكون إما طبيعياً وإما حادثاً ، والذي يحدث هو إما من امتداد يعرض في العنابية عن آلمها في نفسها ويکون من يبس وهو مرض بسيط من سوء مزاج يابس ، وإما لكثرة الرطوبة البيضية وهو مرض مع مادة كالأورام.
  وأما ضيقها فيكون أصلياً أو حادثاً ، والحادث يكون عن استرخاء العنبية ، ويسترخي لعلتين إما لرطوبة تغلب على مزاجه فترخيه ، وإما لقلة الرطوبة البيضية ، وضيق العنبية أبداً أحمر في حدة البصر وجودته إذا كان أصلياً ، فأما الحادث فرديء وخاصة إن كان عن نقصان البيضية ، لأن الجليدية لا يسترها حينئذ عن النور شىء فيضره ذلك بها ولأنها تعد أيضاً من غذائها فتضعف ويفسد مزاجها / على الأيام ، وإن له كان من استرخاء العنبية أيضاً فهو رديء لعلل قد يمكنك أن تعرفها مما تقدم.
  وأما انحراف الحدقة فيكون عرضاً إذا نتأ شيء من العنبي في القروح ، وهو يضر بالبصر أو يلفه على ما تقدم.
  وأما انخراق العنبية فإن كان صغيراً لم يضر ، وإن كان عظيماً سالت منه الرطوبة البيضية ويذهب البصر.
  قال : وأما الرطوبة البيضية فالآفة تحدث فيها إما في كميتها وإما في كيفيتها ، فإن كثرت حالت بين الجليدية والضوء فأذهبت البصر ، وإن قلت لم تمنعه من الضوء البتة فأضر بها ، وقد تضمر أيضاً إذا قل غذاءها ، وإما أن تغلظ ، فإن كان غلظها يسيراً لم تر البعيد ولم تستقص النظر إلى القريب ، وإن غلظت وكان غلظها شديداً فإنه إن كان في كلها منع البصر ويسمى هذا الماء وإن كان في بعضها فإنه يكون إما في أجزاء متصلة وإما في أجزاء / متفرقة ، فإن كان في أجزاء متصلة فإنه إما أن يكون في الوسط ـ لا وإما حول الوسط ، فإن كان في الوسط عرض له أن يرى في كل جسم كوة ، لأنه يظن أنه ما يراه من الجسم يكون عميقاً ، وإن كان حول الوسط منع العين أن ترى أجساماً کثيرة دفعة حتى تحتاج الى آن تري کل واحد من الاجسام على حد ته لصغر صنوبرة البصر ، ونحن نقول لصغر طريق الشبح ، وإن كان الغلظ من أجزاء متفرقة فإنه يرى بين يديه أشكال تلك الأجزاء الغليظة وقوامها كالبق والشعر وما أشبه ذلك كما يعرض في وقت القيام من النوم للصبي والمحموم.
  وأما في لونها فانها اما آن تغير کلها فيري الجسم کله باللون الذي هو عليه ، فان کان لونها الى الدکة رأي الاجسام أجمع كأنها في ضباب أو دخان ، وبالجملة فإنه يرى الأجسام باللون الذي يتلون وإن كان لونها لون غير ذلك رأى الأجسام بذلك

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 34 ـ

  اللون ، وأما إن تغير لون بعض أجزائها فيرى من أصابه ذلك بين عينيه أشكالاً بألوان تلك الأجزاء التى تغيرت ألوانها وذلك شبيه بمن يعرض له الماء.
  لي : إلا أن هذه لها ألوان مختلفة وتلك بيض أبداً. قال : وأما الروح النوري فإن الأفة تعرض له إما في الكمية وإما في الكيفية ، ونحن نقول ليس للروح النوري ، وأما الجليدي القابل للشبح فإن الآفة تعرض له على ما نقول.
  قال : أما في الكمية فإذا قل لم يبصر الشيء من مكان بعيد ، وإذا كثر أبصره من بعيد ، قال : وإن كان لطيفاً فإنه يستقصى النظر إلى الأشياء ويثبتها تثبيتاً شديداً ، وإن کان غليظاً فبالضد.
  ونحن نقول : إن كان جوهر الجليدية شديد الصفاء والرقة ثبتت فيه الأشباح البعيدة ، وإن كان خلاف ذلك فالبضد ، وإن كان شديد الصقالة والملاسة لم يحرم من الشبح شيء ولو لطف منه وبالضد.
  قال : وأما ما يحاذي ثقب العنبية من القرنية فإن جميع آفاته تضر بالبصر ويعرض فيه من نفسه ثلاثة ضروب من الآفات : إما سوء مزاج ، وإما مرض آلي ، وإما انحلال فرد.
  فأما أمراضه التي من سوء مزاج فإنه إن رطب رأى صاحبه الأشياء كأنها في ضباب أو في دخان ، وإذا تغير لونه رأى الأجسام على ذلك اللون كما يعرض لصاحب اليرقان أن يرى الأشياء كلها صفراء ، ولصاحب الطرفة أن يرى الأشياء حمراء ، وأما يبس فيحدث فيه غضون تضعف البصر ، ويعرض ذلك للشيوخ كثير في آخر أعمارهم ، وقد تتشنج القرنية لا من أجل يبس يخصها في نفسها لكن من نقصان الرطوبة البيضية ويفرق بينهما أن التشنج الواقع بالقرني من أجل نقصان البيضي يعرض منه ضيق الحدقة ، والغضون التي تعرض لها من أجل اليبس في نفسها لا تعرض لها بعد ذلك ، وأما الغلظ فيه فإنه إن كان قليلاً أضر بالبصر إضراراً يسيراً كالآثار الخفيفة من اندمال القروح ، وإن كان غليظاً أضر إضراراً عظيماً ، فإن أفرط في العظم أتلفه البتة ، وأما انخراقه فعلى ذلك إن كان قليلاً أضر بالبصر إذا كان فى هذا الجزء من القرنى كلا المحاذي لثقب العنبي ، وإن كان / كثيراً أتلفه البتة.
  وأما الآفات العارضة في حركات العين الإرادية : فإما أن تضعف كالرعشة أو تبطل حرکته کالفالج آو يکون على غير ما ينبغي کالتشنج ، وعلة ذللف کله اما الدماغ وإما العصب المتصل بالعين.
  الأعضاء الآلامة : قال جالينوس (1) : أمراض العصبة المجوفة لها ثمانية من سوء

**************************************************************
(1) قال حنين وأما الحفر فإنه يعرض من نخسة تصيب العين فربما انتهت إلى القشرة الأولى أو إلى الثانية أو إلى الثالثة (لي) في كلام حنين في العنبية والنتوء أربعة أضرب والنتوء يجب أن يكون خمسة الأربعة التي قسمها فمنها نتوء جزء يسير من العنبية يتوهم من رآه أنه بشر ونتوء فيها يعظم شبه العنبية وهو يجاور الأجفان ويصل إلى الأشفار في ألم العين منه ونتوء يقال له المسمار ويعرض إذا أزمن النتوء فصار شبهاً برأس المسمار والخامس نتوء من نتوء القرني لم يقسمه لأنه مرض ضار وأما أمراض العنبي فالماء وهو خمسة أضرب أحمر ولون السماء وأخضر وأزرق أو مثل المها أو مثل الزجاج فضروب الماء إذا ستة (لى) إلا أن هذه لها ألوان مختلفة وذلك أبيض أبداً اعتمد ابن المقداد على كتاب العين لحنين فى أدويتها وأمراضها ، قال جالينوس فى الأعضاء الآلمة.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 35 ـ

  المزاج إما ورم وإما سدة وإما انتشار وإما انقطاع العصبة الجاري عنها الروح.
  من كتاب البصر في المجموع في العين قال : ألف للرمد / الذي لا ضربان معه للا فاجعل مما يقبض قبضاً معتدلاً إن كان فيه رطوبة مفرطة مع وجع فإن لم يكن مفرطاً فاجعل الأدوية المنضجة فيه لأن لها تسكين الوجع فان کان الضربان شديداً مقلقاً فاخلط بها مخدرة ، ولا تدمن المخدرات لأنها تبطىء بانتهاء العلة ونضجها ، وإذا انتهى الرمد فاجعل الأدوية المحللة أغلب عليها ، وأما الأرماد المتطاولة فاخلط بالشيافات التي تستعمل فيها النحاس المحرق والزاج المحرق والشادنة فإنها عظيمة النفع فيها.
  قال : وكلما أردت استعماله من التوتيا والشادنة والتوبال والزرنيخ (1) ؟ والمرقشيثا (2) ؟ والسنبل واللؤلؤ والإثمد والإسفيداج والأصداف المحرقة وجميع المعدنية فاسحقه بالهاون بالماء بعد أن تكون قد نخلته بالحرير ساعة هوية ثم صب عليه ماء وحركه وصوله وأعد / تصويله مرات ثم جففه واسحقه فان هذا أحکم ما يکون.
  قال : واعلم آن الزنجار ياکل حجب العين ويجففها ويهتکها فيرفق في استعماله ، وخاصة فى عيون الصبيان والأبدان الرقيقة فاخلط معه لها كثيراء وإسفيذاجا والنشا ورققه بالماء لتنقص حدته.
  وإذا استعملت الأدوية الجلاءة في العين لعلة كالسبل والجرب والظفرة وترقيق أثر القروح وغير ذلك ، فمن كحلته منهم فاصبر ساعة حتى يسكن مضض الدواء ثم اكحله ثانية بعد ساعة ليكون ذلك أبلغ ، فإن مواترة الكحل ميلا في إثر ميل في هذه الأدوية لا يبلغ ما يراد من التنقية ولا يؤمن معه أن تنفر العين وينكيها.
  قال : والذرور كله رديء في بدو القروح والرمد.
  قال : وإذا عرضت أوجاع العين في البلدان الباردة وفي الناس / الذين نشأوا في تلك

**************************************************************
(1) الراسخت وهو النحاس المحرق وذكره فى حرف النون أيضاً ، قال : والنحاس إذا أحرق كان منه. الروسختج ـ الجامع لابن البيطار
(2) ـ مرقشيثا ـ بالمثلثة وآخره ألف ، وقال نقلاً عن ديسقوريدوس : هو صنف من الحجارة يستخرج منه النحاس ، وقال في بحر الجواهر ، هو حجر النور ـ الجامع لابن البيطار.

 الحاوي في الطب ج (2)  ـ 36 ـ

  البلدان فبرءها أبطأ ، ووجعها أشد لاستكثاف حجب أعينهم فلا تجزع والزم قانون علاجلك.
  قال : وأجود الأشياء لأوجاع العين كلها بعد قطع المادة قديماً كان ذلك الوجع أو حديثاً في الأجفان كان أو في داخل الطبقات تلطيف الغذاء وتسهيل الطبيعة وقلة الشراب والجماع وتکميد اليدين والرجلين بالماء الحار وشد الساقين ودلالک القدمين وخاصة عند شدة الوجع وطلي الصدغين بالأدوية القابضة ، وربما طليت الأجفان في العلل المزمنة بالأدوية المحللة.
  وينبغي لأصحاب وجع العين أن يمسكوا بأيديهم خرقاً خضراً أو سوداً ولا يمسکوا بيضاً ، ومن كان بعينه الرمد الحار وبشر يجلس في موضع قليل الضياء ، ويجعل فرشه مصبوغة ويفرش حواليه الآس والخلاف الخضر.
  وأجمع الكحالون أن جميع الأدوية التي تكحل بها ينبغي أن يكون في حد ما لا يحس دقه والا نکئت العين وعظم ضررها ، / وأنفع الأميال المتين الشديد الملاسة ويرفع الجفن ويقلبه برفق جدا ويردده كذلك ، فإذا قلبته لم يدعه يستوفي من ذاته بل رده بر فق ويضع الذرور بر فق عند المأقين ولا تحلک بالميل في العين ، وان کنت تريد أن تقلع البياض فضعه على البياض وحده وأمسك العين ساعة.
  قال : وكل وجع معه ضربان فيعالج بالأدوية المبردة والمسكنة للوجع وأما الأوجاع المزمنة مثل السبل والظفرة والسلاق والحكة وبقايا الرمد وآثار القروح وكل وجع لا ضربان معه فيعالج بالأدوية المنقية المذيبة.
  قال : وإذا عرض وجع حاد مع وجع مزمن فابدأ بالحاد حتى ينصرف.
  وقال يوشع : لا بد في القروح والبثور والرمد الحار والسبل الذي معه انتفاخ وورم وحمرة شديدة وكثرة قذى ورطوبة / من الفصد والحجامة والإسهال ، فأما غير ذلك فلا يحتاج إلى ذلك وذره ويكفي بالأكحال.
  من كناش مسيح : إذا كان امتناع البصر من أجل فساد مزاج الدماغ عرض معه فساد سائر الحواس ، وإن كان الورم في العصبتين المجوفتين كان على أكثر الأمر معه اختلاط لأن الدماغ يرم بالمشاركة ، وإن كان من سدة لم يتسع أحد الناظرين.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 37 ـ

الباب الثاني : في الرمد والوجع في العين والوردينج وسيلان المواد الى القرني
والسرطان وعلامتها ، والأورام في العين من الانتفاخ وغيره
واليبس العارض من التراب والشمس والورم الحار في العين ، وانتفاخ الأجفان
وورمها ، والأرماد الحادة والضربان فيها ، والبثور التي تحدث في العين
من جنس النفاخات ، والأورام الرخوة في الأجفان


  من كتاب أصناف الحميات ؛ المقالة الثانية : (1) قال : من أصناف / يكون من فضول تنصب إلى العين من أعضاء أقوى منها ويلزم الأدوار التساوي لتساوي عللها ، وقد داويتها مرات بخلاف الکحالين الذين يکمدون العين باطلاء بما يعالجونها به ، واما نحن فر بما داويناها بالحمام ، ور بما داويناها بالاسهال ، ور بما داويناها بالشراب الصرف نسقيهم إياه ، وربما داويناها بالفصد والحقنة فتبرأ ولا تحتاج إلى كحل ، وإن احتاجت فإلي يسير.
  لي : كان في خلال كلام جالينوس أن الرمد يكون من فضول أغذية الأعضاء التي فوق العين ، وإذا كان كذلك فالإمساك عن الغذاء ثم دخول الحمام يبلغ ما تريد ، لأن فضول الباعث تقل وما قد جرى إلى العين ينحل ، قال : وكل مادة تنصب إلى العين فإنما تنحدر من الرأس.
  المقالة الثالثة من حيلة البرء (2) وقد أبرأت أوجاعاً صعبة من / أوجاع العين جداً إما

**************************************************************
(1) كتاب أصناف الحميات وهو لجالينوس فيه مقالتان ، وغرضه فيه أن يصف أجناس الحميات وأنواعها ودلائلها ، وصف في المقالة الأولى منه جنسين من أجناسها أحدهما يكون في الروح والآخر في الأعضاء الأصلية ووصف في المقالة الثانية الجنس الثالث منها الذي يكون في الأخلاط إذا أعفنت ـ ..93 / 1 عيون الانبار 1 / 93.
(2) كتاب حيلة البرء لجالينوس مشتمل على أربع عشرة مقالة ، وغرضه فيه أن يصف كيف يداوي كل واحد من الأمراض بطريق القياس ويقتصر فيه على الأعراض العامية التي ينبغي أن يقصد قصدها في ذلك ويستخرج منها ما ينبغي أن يداوي به كل مرض من الأمراض ويضرب لذلك مثالات يسيرة من الأشياء جزئية ، وكان وضع ست مقالات منه لرجل يقال له أيارن ، بين في المقالة الأولى والثانية منها الأصول الصحيحة التي عليها يكون مبنى الأمر في هذا العلم وفسخ الأصول الخطأ التي أصلها أراسسطراطس وأصحابه ثم وصف في المقالات الأربع الباقية مداواة تفرق الاتصال من كل واحد من الأعضاء ثم إن أيارن توفي فقطع جالينوس استتمام الكتاب إلى أن سأله أوجانيانوس أن يتممه فوضع له الثماني المقالات الباقية فوصف في الست الأول منها مداواة أمراض الأعضاء المتشابهة الأجزاء وفي المقالتين الباقيتين مداواة أمراض الأعضاء المركبة ووصف فى المقالة الأولى من الست الأول مداواة أصناف سوء المزاج كلها إذا كانت في عضو واحد وأجرى أمرها على طريق التمثيل بما يحدث في المعدة ثم وصف في المقالة التي بعدها وهي الثامنة من جملة الكتاب مداواة أصناف الحمى التي تكون في الروح وهي حمى يوم ثم وصف في المقالة التي تتلوها وهي التاسعة مداواة الحمى المطبقة ثم في العاشرة مداواة الحمى التي تكون في الأعضاء الأصلية وهي الدق ووصف فيها جميع ما يحتاج إلى علمه من أمر استعمال الحمام ثم وصف في الحادية عشرة والثانية عشرة مداواة الحميات التي تكون من عفونة الأخلاط أما في الحادية العشرة فما كان منها خلوا من أعراض غريبة وأما في الثانية عشرة فما كان منها مع أعراض غريبة ـ عيون الأنباء 1 / 92.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 38 ـ

  بالحمام أو بشرب الشراب وإما بفصد وإما بإسهال وإما بتكميد ، وهذه الأوجاع لا وذلك أنها إنما تسكن الوجع بإماتة الحس ، وأعرف قوماً لما ألح عليهم الأطباء بهذه لم يرجع أبصارهم بعدها إلى الحال الطبيعية ، لكنهم منذ ذلك الوقت بدت بهم ظلمة في أبصارهم ، فلما طال بهم الزمان نزل في أعين بعضهم الماء ، وأصاب بعضهم خمول البصر وبعضهم سل (1) العين ، وهو الذي يصغر منه العين ويضيق الحدقة ، ويكون من جفاف رطوبات العين إذا قل اغتذاءها لأنه لما بردت ويبست قل اغتذاءها.
  المقالة الخامسة من حيلة البر : قال : المواد المنصبة إلى العين إذا احتجنا أن ننقلها الى عضو قريب نقلنا ها الى المنخرين.
  لى : هذا إذا كانت المواد قد رسبت إلى العين لا فى أول الأمر ، فعند ذلك يكون نقلها إلى العضو الأقرب أسهل وأولى منه إلى العضو الأبعد ، ويكون نقلك له بالتعطيس وصب الأشياء الحارة فى الأنف والإرعاف.
  المقالة الثانية عشر منه : قال : أنا أستعمل المخدرة في علاج وجع العين إذا أفرط الأمر فيه جداً.
  قال : وعالج وجع العين إذا حدث عن ريح نافخة كانت من أخلاط غليظة بالتکميد بالجاورس ، قال : واحذر استعمال الأفيون في تسكين الوجع الذي من ريح غليظة ، وذلك أنه وإن سكن فإنه يهيج به أشد ، واستعمل في هذا التکميد والانضاج بالحمام والشراب ، فأما الوجع الذي عن خلط أكال فإن الأفيون حينئذ ليس إنما هو مسكن للوجع بالعرض فقط بل وشافياً.
  قال : والدواء المتخذ بالجندبادستر والأفيون يسكن وجع العين إن قطر منه في الأذن ، وإن احتجت إلى ضماد فاطبخ الخشخاش بالماء والق في ذلك الماء دقيق الحلبة أو دقيق بزر الكتان وضمد به. قال : وجميع الناس يعلمون أن الشياف المتخذ

**************************************************************
(1) سل العين هو ضمور الحدقة ـ بحر الجواهر .

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 39 ـ

  بالأفيون / يسكن وجع العين الشديد جداً ، وينبغي أن يستعمل عندما يضطر إليه أمر 4 عظيم ، لأنه ربما أضعف البصر باقي العمر بل ربما أتلفه جملة ، ولكن إذا كان الوجع شديداً فاختر هذا الضرب من العلاج أعني الأفيون ثم عالجه بعد ذلك بما يرد عليه مزاجه ، وأجود الأشياء في ذلك شياف الدارصيني.
  الثالثة عشرة في هذه المقالة أيضاً : العين يحدث فيها الوجع الشديد إما لخلط لذاع ينصب إليها يأكل طبقاتها أو لخلط كثير يمده طبقاتها أو بخار غليظ يمدد.
  قال : فداو للتلذيع بأن تجذب الخلط إلى أسفل وتستفرغه بالأدوية المسهلة ، ويصب في العين بياض البيض ، تشيل الجفن برفق وتص به فيه ، فان القدماء لم يستخر جوا بياض البيض للذاع في العين إلا ببحث مستقص حميد لأن فيه لزوجة فلذلك يطول مكثه ، وهو بعيد عن كل لذعة / فهو لذلك يغسل اللذع ويسكن عادية الخلط اللذاع كما يسكن الشحم لذيع الأمعاء إذا حقن به وهو أحمد من اللبن في ذلك ، لأن في اللبن جلاء ما ، ور بما کان فاسدا فيه طعم منکر.
  قال : فاذا نضج الورم واستحکم نضجه وکان البدن کله نقياً فالحمام نافع له بل هو أنفع الأشياء له ، وذلك أنه يسكن الوجع من ساعته ويقطع سيلان المادة إلى العين ، وذلك أن جلها يستفرغ في الحمام والبقية التي تبقى بل تمتزج وتعتدل برطوبة الحمام ، وأما الوجع الحادث عن تمدد الصفاقات من الامتلاء فأخرج الدم وأسهل البطن وأدلك للأعضاء السفلية وشد اليدين والرجلين فإنه نافع جداً. ثم من بعد ذلك إذا انجذبت المادة كمد العضو بماء عذب معتدل الحرارة ، وأما الريح الغليظة فعالجها بعلاج التمدد من الامتلاء حتى تجذب الأخلاط ، ثم عالج الموضع نفسه ولا تستعمل الأشياء الرادعة لكن الأشياء المحللة بأن تكمد / أعينهم على ما وصفت ، وقطر فيها طبيخ الحلبة المغسولة قبل ذلك غسلاً محكماً ، فإن هذا دواء يحلل أكثر من كل شيء تداوي به العين ولا تروم التحليل وفي البدن امتلاء ، لکن بعد استفراغ البدن کله.
  قال : واعلم أنه ربما كان البدن لا امتلاء فيه وإنما ينصب إلى العين ما ينصب من عضو أو عضوين يدفعان إليها ، فإذا طالت علة العين ولم يكن في البدن فضل فعليك بتنقية الرأس إن كانت ثم مادة ، وإن اكتسب سوء مزاج بلا مادة فضاد ذلك السوء مزاج حار فبرده ، وإن كان بارداً فاطله بالأضمده المحمرة ، وإن كان سوء مزاج حار فالاستحمام بالماء العذب ودهن ورد لتبدل مزاج الخلط اللذاع ، وإذا كان الدافع للمادة التي تأتي العين الدماغ نفسه فنق الدماغ وبعد ذلك عدل المزاج ، وربما دفعت هذه الفضلة عروق وشرايين قد ضعفت فصارت بمنزلة المغيض (1) فتدفع إلى العين ما

**************************************************************
(1) قال في بحر الجواهر : المغيض في اللغة موضع اجتماع الماء وفي الطب موضع اجتماع الفضول.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 40 ـ

  يحصل فيها وحينئذ ينبغي أن يشيل هذه العروق ويتوغل في القطع إلى / عمق كثير ، فإن كان الدافع عروقا باطنة فإن العلاج فيها بالقطع غير ممكن وذلك إذا كانت داخل القحف ، قال : ولذلك صارت مثل هذه السيلانات عسرة العلاج ، وأما التي تصل منها المادة إذا كانت عروقاً ظاهرة فتمكن أن تسل وإلا فتطلى بالأضمدة القابضة ، وربما کانت العلة في وجع العين دماً حاراً کثيراً يصعد الى الرأس ويکثر في الشرايين خاصة ، ولهذا علاج بالغ وهو قطع الشريان الذي خلف الأذن ، وينبغي أن يحلق الرأس ثم تجس العروق الضوارب التي خلف الأذن. والتي خلف الجبهة والصدغين فتنظر أيها أعظم وأشد حرارة ونبضاً فاقطعه.
  جالينوس : وأما العروق الصغار المستبطنة للجلد فإنك إن سلالتها كان صواباً ، وقد يسل العرق الضارب العظيم الذي في الصدغ / وإن كان عظيماً ، والأجود أن يخرم أولا ثم يقطع.
  الرابعة من العلل والأعراض : الوردينج هو الرمد الصعب الذي تتقلب فيه الأجفان إلى خارج ويعلو بياض العين الورم علواً كثيراً.
  الثانية من الميامر (1) : وجع العين يخف بالتخبيص والتکميد ، من يلي بالرمد الطويل الصعب ينفعه السعوطات الحادة القوية التى فيها شونيز ، وعصارة قثاء الحمار وحده وما يحدر من الرأس رطوبة كثيرة جداً. وانفخ في الأنف عصارة قثاء الحمار حتى تخرج رطوبة کثيرة.
  الثالثة من الميامر : إياك أن تستعمل الشياف الأبيض والأشياء المغرية قبل استفراغ البدن والرأس لأنها تمنع ، التحلل ولا تبلغ قوتها أن تمنع ما ينصب فتمتد طبقات العين تمديداً شديداً ويكون سبباً للوجع الشديد وربما شق الطبقات وأكلها.
  قال : وبياض البيض الرقيق مع أنه يجلو الرطوبات اللذاعة ويملس الخشونة ولا يلحج ويسدد مسام العين فهو لذلك مأمون أن يزيد في الوجع ، فأما طبيخ الحلبة فإن مع ما فيه التمليس والتسكين يحلل باعتدال ، فهو لذلك يسكن أكثر أوجاع العين.

**************************************************************
(1) اعلم أن لجالينوس من كتبه كتاباً في تركيب الأدوية جعله في سبع عشرة مقالة أجمل في سبع ... ، والعشر المقالات الباقية جعل عنوانها في تركيب الأدوية بحسب المواضع ... ، وقال صاحب عيون الأنباء 1 / 98 : أقول وجملة هذا الكتاب الذي رسمه جالينوس في تركيب الأدوية لا يوجد في هذا الوقت بالا وهو منقسم الى کتابين وکل واحد منهما على حدته ، ولا يبعد آن الاسکندرانيين لتبصرهم في كتب جالينوس صنعوا هذا أو غيرهم ، فالأول يعرف بقاطاجانس ويتضمن السبع المقالات الأول التي تقدم ذكرها ، والاخر يعرف بكتاب الميامر ويحتوي على العشر المقالات الباقية والميامر جمع ميمر وهو الطريق ويشبه أن يكون سمى هذا الكتاب بذلك إذ هو الطريق إلى استعمال الأدوية المركبة على جهة الصواب.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 41 ـ

  شياف يسکن الوجع الشديد وينوم العليل من ساعته : يؤاخذ شياف ما ميثاستة عشر مثقالا زعفران ثمانية آفيون ستة کثيراء ثمانية جند با دستر در همين ، يجعل شيافاً ويستعمل فيه عنزروت ثمانية مثاقيل.
  آخر عجيب : ما ميثا جزء عنزروت ثلث جزء کثيراء مثله آفيون ثلث الجميع حضض هندي مثله عصارة البنج مثله عصارة الشوكران مثله صمغ سدس جزء يجمع بطبيخ کليل الملل ، ويجعل شيافا.
  أرخيجانس : إذا كانت العلة تنجلب إلى العين مادة فأنفع الأشياء في الابتداء قلة الطعام وقله الشراب والاقتصار على شرب الماء القراح وترك الشراب البتة ، وأبلغ الأشياء فيه الإمساك عن الجماع ، وإسهال البطن وغسل الوجه بماء بارد ثم بماء وخل ، ويجتنب شم الرياحين الحارة وأكل الحامض والمالح والدخان وضوء الشمس والسراج ، وضع على عينيه بالليل صوفة مبلولة بشراب قابض فانه يسکن ، فان لم يسکن التحلب بهذا التدبير فليفصد وليمسك عن الطعام البتة ويصار الجوع والعطش ، إلا أن يلتهب شديداً ، ويسهل البطن بدواء أقوى أو بحقنة قوية ، ويوضع على الجبهة الأضمدة القابضة.
  ومما يسكن وجع العين طبيخ إكليل الملك بعقيد العنب وضعه عليه ، أو سويق الشعير مع عصارة رمان ، آو خذ رماناً حلوا / فاطبخه بماء عذاب حتي يتهراً وليکن حلوا وضعه عليه ، آو اسحاق بزر الشوکران بماء واطله على العين ، او ضمد العين بالجبن الحديث ، أو اطبخ الخشخاش بشراب حلو وضعه عليه ، آو اِکليل الملك يطبخ بميفختج ويوضع عليه ، ويخلط معه زعفران وأفيون قليل ويضمد به العين فإنه نافع للوجع أو دق الحسك (1) الطري وضمد به العين ورحله ، آو مع سويق الشعير فانه يتعجب من عظم نفعه ومن سرعته ، وينفع في الجملة كل ما يمنع ويقبض باعتدال وهو عنب الثعلب وبقلة الحمقاء حي العالم وورق الخشخاش ، والبزرقطونا خاصة اعجنه بالماء وضماد به العين التى تنصب إليها مادة حادة ، وکذلل الطحلب ، أو ضمده لي : ينبغي أن يستعمل من هذه ما فيه حرارة معتدلة في / تسكين الوجع والبارد خاصة.
  للدفع والمنع : قال : وي منع المادة الکثيرة من التحلب البنج ورسويق الشعير

**************************************************************
(1) الحسك ـ بالتحريك هو (بالفارسية) خارخسك ، الواحدة حسكة ، معتدل في البرودة واليبوسة وقيل في الحرارة والبرودة وقيل حار في الأولى ملين منضج نافع من قروح اللثة ويقوي الباه ويفتت الحصاة.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 42 ـ

  يضمد بخل وماء وإذا جاوز وقت الابتداء وجاء الانتهاء فكمدها حينئذ ، ومما ينفع منفعة عظيمة ويحلل الورم ويفشه ويطلق الامتداد إن كان منه شيء : خرقة كتان تغمس في سمن وتوضع على العين.
  قال : الوردينج ، والرمد الذي قد ارتفع فيه بياض العين على سوادها ويغطيه وينقلب الأجفان فاسحق صفرة بيضة مع شحم دب حتى يصيرا كالمرهم ثم اطله على خرقة وضعه على العين فانه يسکن الوجع من ساعته.
  وللوجع : انقع ورداً في عقيد العنب وإسحق معه صفرة / البيض وضعه عليه ، أو خذ صفرة بيضة وزعفرانا وورق بنج واسحقه بشراب حار وضع عليه ، وإن كان وجع شديد فاسحق زعفراناً فائقاً بلبن وقطره في العين ، او قطر فيه عصارة الکزبرة قد حللت بها شيافاً معتدلاً بأفيون وزعفران .
  ومما يمنع المواد : دقاق الکندر ومر ويس حقان ببياض البيض وي طلي على الجبهة ، وإن سهر العليل فشممه المنومات فإن النوم جيد له.
  وللمادة الکثيرة تنحدر الى العين : ضع على الهامة ضماداً من فوتنج وخل ويربط رباطار خوا.
  لتسكين الوجع : أفيون وورد وإكليل الملك وصفرة البيض ، ولمنع المادة يسحق الحلزون المسمي فلحناس (1) مع جثته حتى يتد بق ويطلي من الصداغ ، ودعه حتى يقع من تلقاء نفسه ، فإنه لا يقع إلا عند البرء ، واطل بالمراهم المجففة بالخل من الصدغ الى الصدغ ودعه.
  ولليبس العارض من الشمس والتراب في العين ينفعه أن يغتسل بماء عذب كثير صاف بارد في الصيف ، وسخن في الشتاء وينفع التكميد بالماء الفاتر وبطبيخ العدس.
  السابعة من الميامر : يصلح لمنع المواد وتسکين وجع الرمد اقر اص البزور المسكنة للوجع وهي مؤلفة من المدرة للبول والمخدرة.
  مثالها بزر الكرفس وأنيسون وبزر البنج وأفيون وسليخة سواء يتخذ أقراصاً ويسقي کل يوم غدوة وعشية واحدة ، فانه يمنع النوازل ويسکن الوجع ويجلب النوم.
  لي : شراب الخشخاش عجيب للنوم فاعتمد عليه في الرمد.
  الثانية (2) من الأخلاط : من به رمد وقوته قوية فنحن نفصد هذا ونخرج دمه إلى

**************************************************************
(1) کذا بالاصل ولعله مصحف عن فوحلياس وهو جنس من اجناس حلزون ابن بيطار 2 / 29.
(2) من كتب أبقراط كتاب الأخلاط وهو يشتمل على ثلاث مقالات (لا على المقدمات) ويتعرف من هذا الکتاب حال الاخلاط آعني کميتها وکيفيتها ـ عيون الانباء 1 / 32 ، وفسره جالينوس وسماه تفسير كتاب الأخلاط لأبقراط كما ذكره في عيون الأنباء 99 / 1 ، فهو أيضاً يشتمل على ثلاث مقالات.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 43 ـ

  أن يعرض الغشي ثم نكمد عينه بعد ذلك بالماء / الحار ثم نستعمل الأكحال المجففة .
  المقالة (1) الأولى من تقدمة المعرفة : قال : احمرار الملتحم إنما يكون عن ورم حار في الدماغ أو أمية وإما عن امتلاء فيه.
  من كتاب المسألة والجواب في العين : ما بال من عظمت عيناه تجحظ عند الرمد وتنتاً أكثر لعظمهما ولأن رطوباتهما أكثر.
  قال : الدموع في الرمد باردة لأنها غير منهضمة وفي حال الصحة حارة لأنها منهضمة.
  قال : حلق الرأس ينفع من كثرة الرمد ، وكثرة الشعر تضره إلا أن ينسبل الشعر السنبالأكثيراً فإنه حينئذ يفي بأن يجفف الرطوبة التي في الرأس يجذبها إليه ، فأما ما. دام / لم ينسبل فإنه يملأ الرأي ولا يدعه ييبس.
  قال : والرمد في الصيف أكثر ولا يكون مع الحمى إلا في الندرة ، وإذا حم صاحب الرمد في الصيف فإنه إما أن يصح وإما أن يعمى.
  قال : الفضل الحار الرقيق يعمي في الأكثر إذا نزل في العين ولا رمص (2) معه ، والذي معه رمص فليس بحار ولا لطيف بل غليظ بارد وهو يؤمن من العمى ورداءة القروح.
  الرابعة من الفصول : قال : من كان به رمد فأصابه اختلاف انقضى بذلك رمده.
  السادسة : إن كان بإنسان رمد فاعتراه اختلاف (3) فذلك محمود ، لأنه يجذب الخلط الغالب في البدن إلى أسفل ويخرجه.
  قال جالينوس : ولهذا يستفرغ صاحب الرمد بالمسهلة والحقن.
  قال بقراط : أوجاع العين يحللها شرب الشراب الصرف أو الحمام / أو التکميد أو فصد العرق أو شرب الدواء المسهل.
  قال جالينوس : إني لما قرأت هذا الفصل لأبقراط (4) علمت أنه لم يكذب فيما کتب لکنه يحتاج الى تميز فنظرات اولافي اسباب الاوجاع کلها حتى عرفتها ثم طلبت دلائلها حتى عرفتها ثم آقدمت على استعمال هذا العلاج ، وأول من استعمله فيه فتى

**************************************************************
(1) تقدمة المعرفة لأبقراط مشتمل على ثلاث مقالات كما ذكره في عيون الأنباء 1 / 21 .
(2) والرمص ـ بالتحريك : وسخ جامد يجتمع في المؤق.
(3) الاختلاف هو الإسهال الكائن بالأدوار.
(4) لبقراط من کتبه کتاب الفصول فسره جالينوس وهو الموسوم بتفسير کتاب الفصول لابقراط ، ولعل الرازي أشار إليه.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 44 ـ

  كان بعينه وجع وكان قد فصد في اليوم الثاني منذ هاجت عينه وكان ذلك صواباً وكان فافصده يعالجه بالأدوية التي جرت العادة أن يعالج بها من به ورم حار في عينيه وكان يصيبه من الوجع في أوقات نوائب تنوبه أمر صعب جداً ، وكان يقول إنه يحس في ذلك الوقت برطوبات حادة تجري دفعة إلى عينه ، ثم إن تلك الرطوبات كانت تخرج قليلاً قليلاً فتسكن صعوبة الوجع وشدته إلا أنه لم يكن يخلو من الوجع البتة وجعل ذلالک يصي به على هذا المثال نهار يوم الخامس کله ويتزيد فدعاني / ورجلا من الکحالين الرؤساء فأشار الكحال أن يستعمل بعض الأكحال التي لها تغرية مع تسكين الوجع بمنزلة الشياف المتخذ من الإسفيداج المغسول والنشاء والأفيون لأنه رجا بذلك أن يرد عن العين ما يجري إليها بالأدوية المغرية ويخدر الحس قليلا بالمبردة.
  وكنت أنا لا أزال أتهم أشباه هذه الأدوية وذلك لأنها لا تقوي على أن تمنع وترد ما ينصب إلى العين إذا كان انصبابه قوياً كثيراً ، لكنها تمنعه من أن يخرج ، وكذلك إن كان ذلك الشىء حاراً أحدث فى القرنية التأكل ، وإن كان كثيراً عرض منه أن يهيجها ويمددها تمديداً شديداً حتى يحس كأنها تمزق ، فإذا كان ذلك ولم يكن ، مع الدواء من قوة الإحدار ما يبلغ أن يجعل العين لا تحس بذلك الورم لم يسكن البتة ، وإن كان معه من القوة على الإحدار ما يبلغ أن يجعل العين لا تحس بألم الورم الحار العظيم الذي فيها وجب ضرورة أن يضر القوة الباصرة حتى ينقي صاحبها بعد سكون الرمد إما أن لا يبصر شيئاً بتة أو يضعف بصره أو يحدث في طبقات العين غلظ لا يغسر برءه ، / قال جالينوس فلمعرفتي بهذه الأشياء مع علمي بأن الذي ينصب إلى العين ليس هو بقليل الكمية وهو مع ذلك قوي الحدة والحرارة هممت أن أبداً بالتكميد لأمتحن الأمر به فأعرف بالحقيقة واستقصاء حال العلة ، فإن من عادة التكميد فيمن هذه حالة أن يسكن الوجع مدة ثم إنه يجذب إلى العين مادة أخرى ، وذاك أنه بالطريق التي بها يحلل ما قد حصل في العين يجذب إليها غيره من المواضع القريبة منها فحين دعوت بالماء الحار والإسفنج قال المريض : إني قد جربت هذا العلاج طول نهاري مراراً كثيرة فوجدته يسكن عني الوجع ثم يجلب علي منه بعد قليل ما هو أشد منه وأعظم ، فلما سمعت ذلك منه ضمنت له تسكين الوجع بلا دواء مخدر فأدخالته الحما المکان فبلغ من ن وجعه أن نام ليلة أجمع ولم ينتبه / البتة فصرت من ذلك اليوم متى استدللت وعرفت أنه تجري إلى العين رطوبات حادة وليس في البدن امتلاء أداوي وجعها باستعمال الحمام.
  ثم رأيت فتى آخر تأملت عينه فرأيتها جافة إلى أن العروق التي فيها منتفخة انتفاخاً شديداً مملوءة دماً فأمرته أن يذخل الحمام ثم يشرب بعده خمراً قليل المزاج وي نام اکثر فنام نوماً ثقيلا ، لما فعل ذللک نام وانتبه من غد قدسکن وجع عينيه ،

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 45 ـ

  فهداني ما رأيت من ذلك أن أكون متى رأيت أنه قد لحج في عروق العين دم غليظ من غير أن يكون في البدن كله امتلاء أن أجعل علاجى لصاحب تلك الحال بشرب الشراب ، لأن من شأن شرب الشراب أن يذيب ذلك الدم ويستفراغه ويز عجه بشدة حركته من تلك العروق التي قد لحج فيها ، وهذان النوعان من أنواع علاج العين عظيماً النفع ان استعملا في مواضعهما ، وبحسب هذا النفع يکون الخطأ والاذي متى لم يستعملا على الصواب.
  وأما التكميد فهو أسلم وأبعد من الخطر فاستعماله على حالة ريح ، وذلك أنه كاهل إما أن يصير للطبيب علامة يستدل بها على نجاح ما يحتاج إليه وإما أن يصير له سبباً للصحة ، وذلك أنه إذا كان قد علم أن مادة تجري إلى العين في ذلك الوقت فإن التکميد يحلال ما في العين حاصل فيبرئها ويردها الى حال الصحة ، فان کانت المادة تجري بعد فإن أول ما يستعمل التكميد ليسكن الوجع بعض السكون بالإسخان فقط ، ثم إنه بعد قليل يزيد في الوجع فيصير ذلك علامة لك على العلة فتعلم أنه يحتاج إلى استفراغ البدن كله ، فإن كان فيه امتلاء مطلق فبالفصد ، وإن كان فيه رداءة خلط فبالإسهال من ذلك الخلط ، وليس يعسر عليك تعرف ذلك.
  قال : فأما متى كان في البدن امتلاء لم يحتمل شرب الشراب ولا استعمال الحمام ، وإنما يصلحان إذا كان دم قد لحج في عضو من / الأعضاء من غير امتلاء في ثل السدن.
  قال : فأما متى كان في البدن امتلاء فإن الشراب والحمام ليس ببعيد أن يمزق أغشية عينه ، فأما إن كان الوجع إنما هو بسبب شدة رداءة دم غليظ من غير أن يكون في البدن امتلاء فاستعماله الحمام والشراب صواب ، وأما الفصد فليس بصواب.
  قال هذا لي : في قوم زعموا أن الفصد وشرب الشراب والحمام كله ينبغي أن يجمع على صاحب وجع العين.
  من كتاب الفصد (1) قال : قد يظهر من سرعة نفع الفصد للعرق المحاذي للعين الكتفي في علل العين العظيم الدموية ما يدعو / الناس إلى التعجب منه.
  وذلک آن فتي کثير الدم کان في عينيه ورم عظيم جذاً والمادة تنصب اليها کثيراً ، والا جفان قد غلظت وفيها خشونة تلذع عينيه فتزيد في الضربان والوجع ، ففصدته

**************************************************************
(1) كتاب الفصد هو كتاب لجالينوس يشتمل على ثلاث مقالات قصد في المقالة الأولى منها المناقضة لأراسطراطس لأنه كان يمنع من الفصد وناقض في الثانية أصحاب أراسطراطس الذين برومية في هذا المعنى بعينه ووصف في الثالثة ما يراه هو من العلاج بالفصد عيون الانباء 1 / 97 .

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 46 ـ

  وأخرجت له نحو ثلاثة أرطال دم فلما كان الساعة التاسعة أخرجت له رطلاً واحداً من دم فبريء.
  لي : من ها هنا يحتج قوم أن التثنية ينبغي أن تكون ، في الساعة التاسعة ، قال : فانفتحت عينه على المكان ، فلما كان في اليوم الثاني كحلناه ببعض الشيافات بعد أن خلطنا به شيئاً من الشياف المتخذ بشراب كما أن عادتنا أن نفعله وجعلنا على جفنه منه ثم كحلناه بعد ذلك في الساعة الرابعة ، فلما كان في الساعة التاسعة كحلناه وأدخلته الحمام نحو مغيب الشمس ، فلما كان في اليوم الثالث جعلنا مع الشياف اللين من الشياف المتخذ بشراب شيئاً كثيراً.
  لي : وهذا هو الأحمر والأبيض ، قال وقلبنا أجفانه وحككناها في اليوم الثالث فبرىء في اليوم الرابع.
  قال : وإذا كان مع الرمد خشونة وغلظة في الأجفان فإنه يحتاج إلى بعض الأدوية التي فيها حدة ، ولا يمكن أن يستعمل إلا بعد استفراغ البدن.
  قال : وأبلغ العلاج للورم الحار ما دام مبتدئاً في العين فصد القيفال ، فأما بقاياه المزمنة ففصد الاماق.
  من کتاب العلامات : قال : الرمد حمرة تعرض في بياض العين مع دموع کثيرة وورم وحمرة وامتداد وثقل ، وإذا لم تكن معه دمعة فهو من جنس الحمرة وورمه أثقل وأبطأ ، وأما الانتفاخ العظيم الثقيل جداً فإنه فلغموني ، والورم البلغمي في العين قد يبلغ إلى أن يعلو بياضه سواده إلا أنه لا تكون معه حمرة ولا تسيل معه دموع ومعه ثقل ، والذي ينزل من الظاهر يكون معه عروق الجبهة والوجه منتفخة وعروق العين لال الظاهرة ممتلئة / والأجفان ثقيلة ، وإذا كانت النزلة تنزل من داخل القحف فلا يظهر الامتلاء في العروق الظاهرة وهاج العطاس والحكة في الحنك والأنف.
  السادسة من ابيذيميا : ينبغي آن يکمد العين بجاورس في خرقة لينة.
  قال : متى حدث الوجع في العين فإن كان في البدن كله امتلاء فصدنا القيفال ثم استعملنا بعد الأكحال التي هي في غاية اللين ومنعناه النهار أجمع الطعام ثم أدخلناه الحمام بالعشي ، فإن لم يكن به امتلاء استعملنا بعض الأدوية التي ذكرناها أعني المسكنة ثم الحمام إذا لم تحتج إلى فصد ولا إسهال.
  السابعة من سادسة من ابيذيميا : قال : الرمد الذي يکون في العين فيه عروق حمر وهو يابس ويكون في أوقات غور النظر شفاءه الحمام وشرب الشراب وجميع التدبير الذي رطب مع حرارة معتدلة.
  الأولى من الأهوية والبلدان : قال : الذين بلادهم جنوبية يعرض لهم رمد كثير

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 47 ـ

  إلا أن ذلك الرمد لا يكون طويلاً ولا شديداً وذلك لتخلخل مجاري عيونهم وأبدانهم وانطلاق طبائعهم ، فإن حدث في الهواء برد بغتة فعند ذلك يطول الرمد ويصعب ، لأن عيونهم وأبدانهم تکشف.
  لي : التكميد والحمام ها هنا واجب قال : والرمد في البلدان الباردة وفي الشتاء لايهيج کثيراً فلذا هاج کان صعباً مفرطاً ، وذلک لان طبقات العين کثيفة مستحصفة (1) ولا تنحل فتمدد وكثيراً ما تنفطر أغشية العين لشدة التمدد ، وأصحاب الأبدان اللينة والبلدان الحارة وإن كثر الرمد فيهم فإنهم يسلمون منه ولا تطول مدتهم ، وأصحاب البلدان المتكاثفة والبلاد الباردة فقال ما يعرض / فيهم فإذا عرض لم يكادوا يسلمون منه لا وطال بهم.
  اليهودي : مصلح طلاء للورم الحار واستر خاء الاجفان : صبر آقاقيا شياف ما ميثا وأفيون وزعفران يكون عندك وعند الحاجة اطله بماء الهندباء فإنه عجيب جداً.
  آخر : عدس مقشر صندل وورد يابس کافور يطلي بماء الهندباء.
  أهرن : ينفع من الورم الحار في العين : هندباء يدق ويجعل معه شيء من دهن ورد ودقيق شعير من خول بحرير ومخ بيضة ، ويوضع عليه فانه جيد.
  قال : في المواد التي تنحدر إلى العين من الرأس : أما التي تنحدر من خارج القحف فيسهل علاجها بالا طلية وفصد عرقي الصد غين والتي خلف الاذن وکيهما ، وعلامة المادة المنحدرة من فوق القحف حمرة الوجه وحرارة الجبهة وامتلاء العروق.
  وأما التي تنحدر داخل القحف فيكون معه عطاس / ودغدغة وهو عسر العلاج.
  لي : علاجه الفصد وقلة الغذاء وتقوية الدماغ والعين وجذب المادة إلى أسفل بفصد الرجل والحقن الحادة والإسهال التام القوي ، واجتذاب المادة نحو الأنف أنفع شيء وأبلغه فيه ، وذلك أني رأيت من يسيل من أنفه رطوبات حادة فيسلم دائماً من الرمد ، ولست أرى أن علاجاً أبلغ لمن يعتريه رمد من مواد تنحدر إلى عينيه من نفخ الأدوية الحادة في الأنف وشمها لتميل المادة إليه.
  قال أهرن : علاج الرمد والقروح قلة الأكل والشرب والسكون وترك الجماع البتة والفصد في أول الوجع.
  بولس قال : إذا حدث في العين وجع فانظر هل ذلك لفلغموني أم لخلط حار انصب إليها بلا ورم أم لامتلاء الصفاقات وتمددها من أخلاط غليظة أم لرياح منفخة ،

**************************************************************
(1) مستحصفة أي مستحكمة.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 48 ـ

  فعالج اللذع الأشياء التي تعدل المزاج ، فإن كان الورم فلغمونيا فاستفرغ الدم وأسهل وادلل الأعضاء / السفلية ، افعل ذلك إلى أن ينضج الورم ، حتى إذا نضج الورم الحاد ولم تکن في البدن فضول کثيرة فالحمام حينئذ موافق ، فان کان الورم فلغمونيا فعالج باستفراغ الدم وإسهال البطن ودلك الأعضاء السفلية ، وأما أنواع التمدد كله فعالج باستفراغ البدن کله ثم بما يحل ما قد احتقان في الصفاقات ، ويکمد بالاشياء الحارة ويصب فيه طبيخ الحلبة ، فإن كان التمدد من دم غليظ في عروق العين من غير امتلاء في البدن فليشرب الخمر فإن له قوة تسخن وتفتح وتستفرغ.
  قال : وأما الرمد فإنه إذا كان من سبب باد مثل حرارة الشمس أو غبار أو دهن دخل في العين فإنه ينحل سريعاً بفقد السبب البادي.
  قال : وأما الذي يهيج بلا سبب باد ولا يكون مفرطاً فإنه ينحل في ثلاثة أيام أو أربعة وسهل علاجه وهو أن يتوقى الأسباب الهائجة من خارج ويقلل من الأكل والشرب والحركة ويلين البطن ويستفرغ البدن ، فإن لبث بعد ذلك فاستعمل الأشياف. المانعة ، فاذا سکن / التزيد فاکحله بدواء السنبل وکمده بطبيخ کليل المللف والحلبة ، وإن كانت المادة التى منها الرمد غليظة وليست بشديدة الحرارة فلا تستعمل هذا الشياف لأنه يزيد في غلظ المادة بل استعمل الأشياء التى لها قوة تحل وترق كالشياف المسمى حناقون بعد استفراغ البدن كله ، فإن كانت الرطوبة شديدة الانحصار في الرأس فانصب المحجمة على نقرة القفا بشرط ثم علق على الجبهة من ناحية العين الوجعة العلق وضمد العين عند الوجع الشديد بالضماد المتخذ من الزعفران والكزبرة والأفيون ودهن ورد وخشخاش ، وإن لم يكن الرمد حاراً وأردت أن تدفع المادة فاكحل العين بالصبر وحده فإنه دواء مهيأ معد لما يحتاج إليه.
  في النوازل ، قال : إذا ابتدأت النزلة فنزلت إلى العين فامنع من الطعام والشراب ما آمکن وليکن الشراب الماء ولي ترل الحركة / والجماع وأفصده ولين البطن والطخ الجبهة والأجفان بالأشياء المانعة القابضة الباردة ، وإن كانت النزلة باردة ورأيت لون العين أبيض فاطل الجبهة بعد الاستفراغ وتلطيف التدبير ، أطل على الجبهة هذا الطلاء : يؤخذ من الكبريت الأصفر والبورق ونحوهما والترياق (1) يداف بماء ، ويطلى

**************************************************************
(1) الترياق لعل الرازي آراد به ترياق الاربعة واخلاطه على ما ذکره الشيخ في القانون : جنطيانا رومي وحب الغار وزراوند طويل ومر أجزاء سواء يدق ويعجن بعسل منزوع الرغوة بقدر الكفاية والشربة مثقال بماء وقيل إن من الأطباء من جعل مكان المر قسطا مرا وحكى صهاريخت أنه وجد في نسخة زيادة من زعفران جزء هذا ترياق الأربعة الأدوية ، ينفع من لسع العقارب والعناكب ومن الأمراض الباردة ، والترياق الفاروق هو أجل الأدوية المركبة وأفضلها لكثرة منافعه وخصوصاً للسموم من النواهش واخلاطه کثيرة ولذللي راجع القانون 3 / 310 .

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 49 ـ

  على الجبهة فينفع من النزلات الباردة ، وينفع أيضاً إذا شرب نفعاً عظيماً.
  فإن كانت النزلة تنزل في العمق فإنه يكون أقل زماناً فاستعمل استفراغ البدن وبعده السعوط والتعطيس الدائم والغرغرة وحلق / الرأس واطله بالأشياء التي تحمره ويستعمل فيهم سهل العروق (1) وقطعها ، والعلاج باليد الذي نذكره ، والكي في وسط الرأس إلى أن يصل الكي إلى العظم ، والحجامة أيضاً على النقرة ولها قوة عظيمة ، وإمالة المادة الي خارج.
  ويستدل على أن النزلة تنزل من خارج القحف من امتلاء العروق في الوجه وتمددها فيما يلي الصدغ والجبهة ، وينتفعون بالأضمدة المجففة والعصائب ، وإذا لم تكن هذه الأشياء قريبة العهد أعني دلائل النزلة لكن مزمنة وعرض معه عطاس مؤذ ودغدغة في الأنف فإنه يسيل في الباطن.
  قال : فأما الورم الرخو الحادث في الأجفان فانه اينفع منه الکماد بالخل والماء أو بما قد غلى فيه عدس وورد ، وتلطخ الأجفان عند النوم بالزيت.

السرطان

  قال : السرطان قد يعرض في العينين في الصفاق مع ألم وتمدد وحمرة ونخس في الصفاقات القرنية وأوجاع تنتهي إلى الأصداغ وسيما عند الحركات وتذهب شهوة / الطعام وتهيج العلة من الأشياء الحادة ، وهي علة لا شفاء لها ، لكن ينبغي أن يسكن وجعه بشرب اللبن والأغذية المتخذة من الحنطة واللبان والتى تولد كيموساً جيداً ولا تسخن البتة ، ويصب الأشياف اللينة المسكنة للوجع في العين ويعني بأن يكون البدن کله جيد الاخلاط غير ممتلي ء ولا حاد الدم.
  الاسکندر ، قال : الحمام الحار يرمد العين ، فمن کان مستعداً له فلاينبغي آن يدخله.
  شرك (2) ، قال : لا ينبغي أن يعالج العين الوجعة أولاً ثلاثة أيام بالإكحال لنضج الوجع ثم يعالج.
  لي : من الصواب أن يقتصر في الرمد في الأيام الأول على الفصد والإسهال ودلك الأعضاء وقلة الغذاء ولزوم الدعة والسكون ، وإن كانت المادة قوية فلا بد من أن يقوي العين.

**************************************************************
(1) العروق التي في الصدغين.
(2) هو شرك الهندي من علماء الهند وفضلائهم الخبيرين بعلم الطب والنجوم ، قال ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء 1 / 22 : ووجدت الرازي أيضاً قد نقل في كتابه الحاوي وفي غيره عن كتب جماعة من الهند مثل كتاب شرك الهندي وهذا الكتاب فسره عبد الله بن علي من الفارسي إلى العربي لأنه أولاً نقل من الهندي إلى الفارسي.

 الحاوي في الطب ج (2)   ـ 50 ـ

  کناش الاختصارات : قال : علامات الرمد الحار الکائن من حرارة العين ورمها والرمص ، وعلاجها بالشياف والذرور الأبيض (1) ، وعلامة الرمد البارد أن يكون العين مع الورم ثقيلة قليلة الحمرة ، فعليك بالذرور الأصفر والغرز والشياف الأحمر اللين.
  الوردينج : قال : فأما الوردينج فإنه أكثر ما يعرض للصبيان ، وعلامته آن ترى العين وارمة وخاصة جفونها حتى أنها تنشق ويخرج منها الدم ، فذرها بالذرور الاصفر ، قال : وليحذر الحمام والا بزن من کان به رمد حتى يبري ء من رمده.
  قال ابن ماسويه : الخل ليس بجيد لصاحب الرمد.
  لي : جربت ذلك فوجدت الأشياء الحامضة القابضة كالحصرم والسماق أبلغ في ذلك.
  لي : على ما رأيت لطوخا يلطخ على الأجفان اللورم يمنع / انصباب المواد : حضض مثقالان صندل احمر مثقال اقاقيا دانقان شياف ما ميثا نصف درهم زعفران دانق ، يجمع شيافا ويطلي على العين الوارمة بماء الهندباء إن شاء الله.
  السادسة من مسائل أبيذيميا : قال : إذا ألمت العين وورمت فاستعمل أولاً التنقية إما بالفصد وإما بالإسهال وإما بهما جميعاً ، وامنعه من الغذاء يومه أجمع ، وبالعشي أدخله الحمام والكحله بالأدوية البعيدة من اللذع زمناً وإن لم تكن المادة كثيرة فيكفيك أن تحميه من الطعام ثم حمه.
  قال : واحذر التبريد بالأكحال والأضمدة حيث تعلم أن المادة كثيرة جداً ، لأنها تحصرها فتمتد الطبقات ويهيج الوجع.
  آريباسيوس ، قال : اذار سخت المادة في الطبقات وأزمن الرمد / والوجع فحينئذ ينفع الحجامة على الاخدعين والعلق على الصد غين وما قرب من العينين.
  قال : وإذا نضج الرمد فأدخله الحمام ، وقال : الوردينج رمد شديد فلا تكحله إلى ثلاثة أيام أو أربعة ، بل اقتصر به على تقطير اللبن فيه والاستفراغ ، فإذا نضج النفس ، وحلل الأورام في الأجفان بالاستفراغ والأطلية وترك الغذاء وعالج أولاً بما يقبض قليلاً وفي آخر الأمر بما يحلل.

**************************************************************
(1) اتصاف الذرور بالبياض کما وصفه الشيخ الرئيس في القانون 2 / 421 : أخلاطه يؤخذ زنجار وأشق وسرطان بحري محرقاً من كل واحد درهمين ملح دراني ثلاثة دراهم فلفل أبيض عشرون درهماً زبد البحر أربعة دراهم قشور البيض التي تخرج من تحت الفراريج ثلاثة دراهم برادة مسن خمسة دراهم بعر الضب عشرة دراهم لؤلؤ غير منقوب أربعة دراهم.